مُتعبةٌ هي السماءُ فوقَ سريري , وهذه النجومُ المدفونةُ في فضائي , فضائي المعتم المخضّب بالغيابِ , الغيابُ الذي لا ينتهي فصله , الفصل المتجدد للنسيان , النسيان في نيسان أشبه بذاكرةٍ جديدةٍ , الذاكرةُ المسترجعةُ من أنقاضِ الفراقِ !
كانَ يلزمني سؤال من جارتي الجديدة عن ماضِ يلزمه وطن وأبجدية ليكون جوابا .
عيني المثقوبة تنزف تفاصيل الحكاية بدفءٍ , هذه المرة قلقٌ مترمدٌ يختزلُ القصةَ داخل فمي فأقول لها : (( خليها في القلبِ تجرح ولا تطلع وتفضح )) وأرسم على وجهي ابتسامة مفتعلة
_ لا أقصدُ الإساءة لا أدري هذا المثل عالق في رأسي !
_لا عليكِ عزيزتي , ولكن إن كان في الكلام راحتكِ فتحدثي سأكتم سركِ
_ لا شيء يستدعي الكلام , هي قضية أنثى كمثل كل النساء اللاتي فقدن الوطن !
الحديثُ مع الغرباءِ هاجسٌ يدفعني دوماً لأُعيد تدوير اسطوانة العزف القديم , فأتأرجحُ على صراطِ ذاكرتي وأستمع وحدي للعزف الجنائزي هناك .....
في التاسعةِ غرباً , قبلَ سبعِ ميتات أنثى بثوبها الربيعي كانت الأرضُ تهتز طربا لوقع خطاها , في كلّ ميتة كانتُ تبحث عن زمنٍ افتراضي فتزرعُ خيبة وتحصد خيبات !
تبدأ الملحمة حين أستلقي على ظلي يَخِزني الشوق وينسالُ الحلمُ على جسدي يجثمُ الحنين على جثتي أحاول التناسي ,
فألونُ مِزاجَ الليل بلوحةٍ أعدُّ الغائبين فيها ... واحد .. اثنان .. عشرة ... خمسة عشر
يشتدُّ الألم ويضيقُ السقفُ أكثر حين تأتي الكائنات الغريبة وتأكلُ الوجوه فيتساقطون في عيني , أغمضُ ستائر عيني أتكورُ على أطرافي أنكمش أكثر , صرخة واحدة ويتوقف الصوت ويتفشى الصمت بهدوءٍ أخمد بركان .
تخرجُ مني أنثى تأخذُ من دمي كلّ دمي تضحكُ في وجهي وترحل, تلكَ الحركة أفسحت للضحكِ البليد بالتسلل لشفتي المبللةِ بركامٍ ثقيل .
أغلقُ نافذةَ الذكرى وأقدمُ القهوةَ على روحِ نسياني لجارتي التي تتفحصني بعينين يساورهما الفضول , وأُزاورها أنا بألفِ عينٍ أقلُ فرحا
_ قلبتُ مواجعكِ (( يقطعني ))
_ سلامة عمركِ , لا عليكِ لاشيء مهم
_فقط لو تخبريني ما بكِ
أبتسمُ في وجهها كأمٍ تضمُ وليدها لصدرها بعدَ مخاض .
_ صدقا لا شيء كأنّ هذا الصيف أشدّ بردا من الشتاء !